من أكثر الأمور حساسية بين المتزوجين غياب الحوار، خاصة ما يتعلق بالتعبير عما يضايق الشريك في الممارسة الحميمة. ويكون الأمر أكثر إحراجاً إذا ما بدأت الزوجة في إبداء الملاحظات السلبية على ما يضايقها في العلاقة الحميمة، وبعد أن تكون مرت فترة طويلة على الزواج، ما قد يتسبب في الكثير من الخلافات مع الزوج؛ نتيجة التفسيرات الخاطئة لبعض المواقف.
أو قد تتحول العلاقة الحميمة إلى مجرد واجب ثقيل يجب على الزوجة أن تقوم به، إما تحاشياً للتداعيات الخطيرة المتوقعة؛ وأهمها الطلاق، أو لبعض الأسباب الدينية والأعراف الاجتماعية التي تجبر الزوجة على الممارسة ضد إرادتها، ومن المستغرب أن تجد بعض هؤلاء الزوجات لا يعرفن أن الخلل متعلق بالاضطراب في ديناميكية العلاقة، وليس كما يجعلها المجتمع تعتقد بأنها المسؤولة عن فشل العلاقة الحميمة أو نجاحها.
الحالة:
الرسالة التالية وردتني من السيدة أم أشرف، وتوقفت معها فترة من الوقت، وتمعنت بما جاء فيها، حيث إنها تشرح معاناة بعض النساء في المجتمع العربي، ومدى حرصهن على بقاء العلاقة الزوجية قائمة حتى ولو على حساب راحتهن النفسية وصحتهن الجسدية. تقول أم أشرف في رسالتها إنها في أوائل الأربعينات من العمر، متزوجة منذ أكثر من 23 عاماً، ولديها أولاد وبنات، وحالتهم المادية والاجتماعية أكثر من جيدة، فهي تعمل في وظيفة مرموقة في نفس القطاع الذي يعمل فيه زوجها، ولديهما الكثير مما يحسدهما الآخرون عليه، وتضيف: قد تسألين يا دكتورة أين المشكلة؟ أنا لم أعد أعرف أين المشكلة، ولكنني أستطيع أن أوضح بعض الأمور التي أعاني منها، حيث إن العلاقة الحميمة مع الزوج، ومنذ الشهور الأولى للزواج، وهي علاقة بلا طعم، ومجرد أداء واجب، وعندما استشرت إحدى أخواتي عاتبتني قائلة: «احمدي ربنا أن عندك كل هذه النعم، فاصبري، فمع الوقت ستتحسن الأمور»، ما جعلني أشعر بالخجل من نفسي، وكيف أنني لم أتحكم في هذه الرغبات الثانوية في العلاقة الزوجية، ومع زيادة معرفتي وخبرتي في الحياة اكتشفت الكثير من الأمور التي لم أشعر بها من قبل، مثلاً، ما تعنيه ذروة الجماع، وهو أمر لم أشعر به طوال السنوات الماضية من الزواج، وقد تستغربين يا دكتورة إذا قلت لك إن العلاقة الحميمة بالنسبة لزوجي تبدأ وتنتهي حتى قبل أن أتهيأ لها، وقررت منذ عدة شهور أن أناقش الأمر معه بوضوح، وحتى نبحث عن حل، ولكنني فوجئت برده الصادم «هل تشتكين الآن! ولماذا سكت كل هذه السنين، هل ترغبين في الطلاق؟» عندها سكت، وبمحض الصدفة عرفت عن باب الاستشارات بمجلتكم، فقررت أن أعرض مشكلتي، وأطلب الحل، ولكن بشرط أن أحافظ على عائلتي، بعيداً عن الطلاق، فهو أمر مستبعد تماماً.
الإجابة:
سيدتي الفاضلة: استوقفتني رسالتك لما تحتويه من الكثير من الأمور المتشعبة، الناتجة عن غياب الحوار الحميم بين الزوجين؛ نتيجة انعدام التهيئة السليمة والثقافة الجنسية للمقبلين على الزواج من الجنسين، ونجد أن أعلى نسبة طلاق بعد فترة طويلة من الزواج تنتج عن الاضطرابات المزمنة في العلاقة الحميمة، بعد السبب الرئيس وهو السبب المادي.
واسمحي لي أن أوضح بعض الأمور المتداخلة؛ حتى نجد أفضل الطرق الممكنة لعلاج هذه المشكلة:
أولاً: يتضح من الوصف للعلاقة الحميمة أن الزوج يصل إلى الذروة قبل أن تصبحي مهيأة ومستعدة جسدياً ونفسياً، ولهذا الأمر عدة احتمالات، منها ما هو متعلق بالتوقيت في القرب من الوصول إلى الذروة، فنجد أن الزوج قد يعاني من القذف المبكر، وتكون الحالة أشد إذا ما كانت الزوجة تعاني في نفس الوقت من التأخير في التهيئة، أو ما يطلق عليه البرود الجنسي، وهنا يجب التأكد من دقة التشخيص للزوجين، ومن ثم وضع البرنامج العلاجي لهما معاً، والذي يحقق نتائج مذهلة في نجاح العلاج.
ثانياً: تحتاجين إلى التعرف على آليات زيادة مرحلة المداعبة لك؛ حتى تساعدك على سرعة الوصول لمرحلة التهيئة الجسدية، ما يجعل التناغم والتزامن أفضل بكثير، ويمكن أن تطلبي مساعدة الزوج في ذلك.
ثالثاً: ناقشي معه بهدوء أنك لا تشتكين من سوء العلاقة الحميمة، وإنما ترغبين في تحسين الأداء؛ للحصول على متعة أفضل لكما معاً، واشرحي له أن الأمر لا يتعلق به كرجل، وإنما الهدف إضافة قدر من الإثارة وإنعاش العلاقة الحميمة؛ للحصول على صحة نفسية وجسدية أفضل.
رابعاً: هل حاولت اكتشاف نقاط الإثارة الحساسة في المنطقة الحميمة لديك؟ ويكون ذلك عن طريق اللمس بالإصبع، والعمل على زيادة الإحساس الحميم قبل الإيلاج؛ مما يساعد على تنسيق التوقيت الحميم بينكما.
خامساً: غيري بعض الأوضاع الحميمة، فهناك أوضاع معينة تساعد على تأخير القذف عند الزوج، وفي نفس الوقت تساعد الزوجة على الوصول للذروة بصورة أسرع.
سادساً: وهنا النصيحة الأهم، وهي أن تتوقفي عن لوم نفسك، وتعملي على تقليل حدة التوتر والقلق لديك، فكلاهما يجعل الحالة أسوأ.
نصيحة
الجهل الجنسي مشكلة لاتزال موجودة، وبكثرة بين الأزواج في العديد من المجتمعات، وتزداد سوءاً مع الاحتفاظ بها داخل الإنسان؛ خوفاً من بعض الظنون التي تجعل الحياة الزوجية أشبه برحلة صيد الكل فيها خاسر.